تاريخ التصوير الجزئ 1: البدايات
Arabic (العربية/عربي) translation by Maryam Abbas (you can also view the original English article)
التصوير. شكل فني تم اختراعه حوالي عام 1830، وأصبح معترفا به عالميا بعد عشر سنوات. اليوم، يعتبر التصوير الهواية الأكثر نموا في العالم وحيث تشكل معداتها لوحدها صناعة بعدة مليارات الدولارات. لا يعرف الكثيرون ماهي حجرة التصوير أو سرعة المغلاق، ولم يسمع العديدون بهنري كارتيير-بريسون أو حتى آني لايبوفيتز.
سنخطو اليوم خطوة للخلف لنلقي نظرة على كيف نشأت هذه التقنية المذهلة وتطورت، لأن معرفة الماضي وبكل فخر هي الطريق الوحيد نحو مستقبل مشرق.
حجرة التصوير
قبل اختراع التصوير، كان الناس على معرفة بالمبدأ الذي طبق في النهاية. حيث كانوا يعالجون الصورة على الجدار أو قطعة من الورق، ولكن لم تكن الطباعة متوافرة في ذلك الوقت حيث تبين أن المحافظة على الضوء مهمة أصعب بكثير من مجرد إسقاطه. دعيت الأداة التي استخدمها الناس لمعالجة الصور حجرة التصوير (ويعني اسمها اللاتيني الغرفة المظلمة) حيث تواجدت لبضعة قرون قبل التوصل للتصوير.
يعتقد أن حجرة التصوير قد اخترعت حوالي القرنين 13 و14، لكن هناك مخطوطة من عالم عربي يدعى حسان بن حسان تعوج للقرن العاشر تصف المبدأ الذي تعمل به حجرة التصوير والذي يبنى عليه التصوير التماثلي في يومنا هذا.



تاريخ التصوير حجرة التصوير أساسا فراغ مظلم، مغلق بشكل مكعب مع فتحة على جانب منه. يجب أن تكون الفتحة صغيرة بما فيه الكفاية بالنسبة للصندوق لكي تعمل حجرة التصوير بشكل صحيح. طريقة عملها ناتجة من قوانين البصريات، حيث يتحول الضوء المار من فتحة ضيقة ويشكل صورة على السطح الذي يقابله، أي جدار الصندوق. تنعكس الصورة وتنقلب، بطبيعة الحال، لذا فما يختلف في الكاميرا التماثلية في يومنا هذا عن حجرة التصوير وجود المرايا والفلم المستخدمة لحفظ الصورة التي يشكلها الضوء.
اعتقد أن التصوير، وبنتيجة الطريقة التي تطور بها، سيكون نهاية الفن الرفيع. لكن، من المعتقد أن مبادئ التصوير كانت مستخدمة على نطاق واسع لدى فناني عصر النهضة مثل ليونارد، مايكل أنجلو وغيرهما. في منتصف القرن السادس عشر، كتب جيوفاني باتيستا ديلا بورتاسينتوري، وهي باحث إيطالي، مقالة حول استخدام حجرة التصوير للمساعدة بتسهيل الرسم. فقد أسقط صور الناس خارج حجرة التصوير على قطعة قماش داخلها (كانت حجرة التصوير كبيرة في هذه الحالة) ومن ثم رسم فوق الصورة أو حاول نسخها.
هذه الطريقة مماثلة للطريقة التي استخدمت في رسم ريتروسكوب في صناعة الرسوم المتحركة في بداية القرن العشرين. بدت طريقة استخدام حجرة التصوير غريبة جدا ومخيفة للناس في تلك الأيام وكان على جيوفاني باتيستا التخلي عن الفكرة بعد اعتقاله ومحاكمته بتهمة الشعوذة.
هذه صورة لحجرة التصوير أثناء عملها بالطريقة التي استخمت فيها آنذاك.



على الرغم من اعتراف بعض فناني عصر النهضة باستخدام حجرة التصوير للمساعدة بالرسم، من المعتقد أن معظمهم قام بذلك. كان السبب في عدم اعترافهم بذلك علنا هو الخوف من الاتهام والارتباط بالسحر أو ببساطة لأنهم لم يريدوا الاعتراف بشيء دعاه معظم الفنانين غشا.
يمكننا الآن القول أن حجرة التصوير كانت نموذجا للتصوير المعاصر. بالرغم من أنها تبدو غير مفيدة في يومنا هذا، لا يزال الكثيرون يجدونها مسلية ويستخدمونها لأسباب فنية أو ببساطة للتسلية. كان التطور المنطقي بتركيب الفلم والحصول على صورة دائمة.
إذا كنت تشعر بالرغبة بتجربة حجرة التصوير، يمكنك رؤية كيفية بناء واحدة في هذا الرابط.
اختراع الكاميرا



تم التقاط الصورة الأولى – كما نعرفها – عام 1825 من قبل المخترع الفرنسي جوزيف نيبس. وهي تبين منظرا من النافذة على لو غراس. هناك القليل من الأهمية في هذه الصورة عدا كونها أول صورة تم التقاطها وحفظها.
نتيجة مشاكل تقنية، كان يجب أن يتم التعرض للضوء لفترة ثمان ساعات، بحيث يكون للشمس في الصورة الزمن الكافي لتتحرك من الشرق نحو الغرب، بحث تبدو لامعة من كلا طرفي المبنى في الصورة. بالطبع، لم يكن هناك مجال في ذلك الوقت لاعتبار التصوير كفن لكن كتطور تقني.
كما ذكرت سابقا، في هذا الوقت علم الناس كيفية إسقاط الصور، لكن لم يعرفوا كيفية خفظها "وحفظ" الضوء. توصل نيبس لفكرة استخدام مشتق من البترول يدعى "بيتومين جوديا". يصبح بيتومين قاسيا مع تعرضه للضوء وبالتالي تزال المادة غير المقساة بعد ذلك. يتم بعد ذلك صقل الصفيحة المعدنية، وهي الوسط الذي استخدمه نيبس، للحصول على الصورة السلبية والتي كانت تغطى بعد ذلك بالحبر للحصول على طبعة. أحد المشاكل العديدة بهذه الطريقة كانت الوزن الكبير للصفيحة المعدنية، وتكلفة إنتاجها الكبيرة، وأنها تحتاج لوقت طويل للصقل.

تصل سير جون هيرشل عام 1893 لطريقة صناعة أول صورة سالبة زجاجية بدلا من معدنية. وبنفس السنة اخترع مصطلح التصوير من كلمة fos اليونانية التي تعني ضوء وgrafo والتي تعني الكتابة. بالرغم من أن العملية أصبحت أسهل والنتيجة أفضل، لكن بقي التصوير لفترة أطول حتى أصبح شائعا شعبيا.
في البداية استخدم التصوير كمساعد في عمل الفنان أو اتبع نفس المبادئ التي اتبعها الفنان. أول الصور الشخصية المشهورة كانت إما صورة لشخص واحد أو صورة لعائلة لحفظ الذكريات. أخيرا، بعد عقود من التطوير والتحسين، بدأ الاستخدام العام للكاميرات مع كاميرا إيستمان كوداك. دخلت السوق عام 1888 بشعار "أنت تضغط الزر، ونحن نقوم بالباقي".



تم اختراع كاميرا كوداك براوني عام 1901، وأصبحت الكاميرا التجارية الأولى المتوافرة في الأسواق للطبقة المتوسطة. التقطت الكاميرا صورا بالأبيض والأسود فقط، لكنها كانت شعبية نتيجة فاعليتها وسهولة استخدامها. لم يصبح التصوير الملون متوافرا تجاريا، بالرغم من العمل على تطويره خلا القرن التاسع عشر، حتى منتصف القرن العشرين. لم يتمكن العلماء في بداية القرن من حفظ اللون لفترة طويلة كفاية، حيث فقدت مع مرور الوقت نتيجة تركيبها الكيميائي. تم تقديم العديد من براءات الاختراع لطرق التصوير الملون منذ 1862 من قبل مخترعين فرنسيين: لويس دوكوز دي هاورون وتشارلز كروس براكتيكال، الذين عملا بشكل مستقل.
أخيرا وصلت الصفيحة الملونة الأولى العملية للسوق عام 1907. اعتمدت الطريقة التي استخدمتها على شاشات من الفلاتير. سمحت الشاشة المفلترة للضوء الأحمر، الأخضر، و/أو الأزرق بالعبور من خلالها ومن ثم يتم تطويرها لصورة سلبية ويتم حفظها لاحقا في صورة إيجابية. تطبيق الشاشة نفسها لاحقا خلال عملية الطباعة أدى لصورة ملونة حفظت اللون. وهي التقنية، على الرغم من تعديلها قليلا، التي لا زالت مستخمة في المعالجة. الأحمر، الأخضر والأزرق هي الألوان الأساسية لشاشة التلفاز أو الكمبيوتر، وبالتالي نمط RGB المستخدم في العديد من تطبيقات الصور.



تم التقاط الصورة الملونة الأولى، وهي صورة شريط قماش مزخرف بمربعات، عام 1861 من قبل الفيزيائي الاسكتلندي المشهور جيمس كليرك ماكسويل الذي كان معروفا بالعمل في الالكترومغناطيسية. بالرغم من التأثير الكبير الذي تركته صورته في صناعة التصوير، فمن النادر تذكر ماكسويل بذلك. السبب في ذلك أن اختراعاته في مجال الفيزياء ألقت بظلالها على هذا الإنجاز.



كانت الصورة الأولى التي أظهرت إنسانا فيها لبوليفارد دو تيمبل والتي التقطها لويس داغوير عام 1893. تم التعرض للضوء لحوالي 10 دقائق في ذلك الوقت، لذا كان من الصعب على الكاميرا تصوير شخص مسرع في الشارع، لكنها تمكنت من تصوير شخص كان يقوم بتلميع حذائه لفترة من الزمن.
الأسماء في التصوير
عندما ظهر التصوير – حيث كان مثيرا للجدل ومليئا بالشكوك – شعر القليل من الناس بأنهم راغبون بتجريبه. حيث يعود الفضل لهؤلاء المتحمسين القلائل لتطور التصوير ليصبح بشكل الصناعة الكبيرة التي نعرفها حاليا. قام هؤلاء الأشخاص القلائل بإحداث ثورة في طريقة التقاط الصور، ورؤيتها، والحكم عليها وتلقيها. فيما يلي بعض من أكثر هؤلاء تأثيرا.
ألفريد شتيغليتز



بالرغم من أن اختراع التصوير قد قاد لإنجازات علمية جديدة وتطور العالم الصناعي، فإن التصوير أصبح أيضا جزءا من الحياة اليومية والحركة الفنية. من أحد الأشخاص خلف التصوير بصيغته الفنية هو ألفريد شتيغليتز، وهو مصور أمريكي ومروج للفن المعاصر. يعتقد العديدون أن شتغليتز هو من جعل التصوير الفن الذي هو عليه في هذا اليوم.
يعرف شتيغليتز خارج نطاق التصوير بشغفه للفن الرائد. امتلك ألفريد عدة معارض فنية في نيويورك وقدم العديد من رواد الفن الأوربي للجمهور الأمريكي. كان عمله في التصوير ثوريا للطريقة التي عرض فيها الحياة الساكنة ولما أضافه لتصوير الصور الشخصية.









لكن الأكثر أهمية أن شتيلغيتز أشار إلى أن المصورين فنانون بذاتهم. قاد هو و إف هولاند دي جلسة التصوير، وهي حركة التصوير الفنية الأولى والتي كانت مهمتها الرئيسية بيان أن التصوير ليس لمجرد العناصر في الصورة بل حول التلاعب الذي يقوم به المصور والذي يؤدي لعرض العنصر الذي يصوره.
أعد شتيغليتز العديد من المسابقات التي قيمت فيها الصور من قبل مصورين. وهو أمر مثير للاهتمام، حيث قيمت الصور في ذلك الوقت من قبل الرسامين حيث اعتبر المصورون أقرب للعلماء. روج شتيغليتز أيضا للتصوير عن طريق المجلة المنشأة حديثا مثل "كاميرا نوتس" و"كاميرا وورك".
فيليكس نادار



فيليكس نادار (وهو الاسم المستعار لجاسبارد – فيليكس تورناكون) فنان كاريكاتوري فرنسي، صحفي و – عندما ظهر التصوير – أصبح مصورا. يشتهر بشكل كبير لريادته باستخدام الضوء الصناعي في التصوير. كان نادار صديقا جيدا لجولز فيرن ويقال أنه كان مصدر وحي للمؤلف: يقال بأنه نموذج لشخصية ميشيل آردان في "من الأرض للقمر". يعزى لنادار نشر أول مقالة مصورة عام 1886.
بالرغم من الأفكار الثورية، فإن صور نادار الشخصية اتبعت نفس مبادئ الفن الرفيع. عرف بتوصيره للعديد من المشاهير مثل جول فيرن، أليكساندر دوماس، بيتر كروبوتكين وجورج ساند. كما يمكنك رؤيته من الصورة أسفله، كانت هذه الصور ببساطة إعادة إخراج للصور الشخصية، مع وضعيات وأسلوب كلاسيكيين.










هينري كارتيير – بريسون

كان هينري كارتيير – بريسون مصورا فرنسيا ويعتقد بأنه أبو الصحافة المصورة. يشتهر كارتيير – بريسون بإنشائه لأسلوب "التصوير في الشارع" للصحافة المصورة. في حوالي عمر 23، أصبح الشاب مهتما جدا في التصوير وتخلى عن الرسم لأجله. "فهمت فجأة أن التصوير قادر على تثبيت الأبدية في لحظة." كما شرح لاحقا. بشكل قوي كفاية، التقط أول صوره حول أنحاء العالم لكن تجنب بلده فرنسا. قدم عرضه الأول في معرض جوليين ليفي في نيو يورك عام 1932. التقطت أولى صور كارتيير – بريسون الصحفية في تتويج جورج السادس في لندن لكن لم تكن أي من الصور للملك بذاته.
ألهم عمل هذا الفرنسي أجيالا من فناني التصوير والصحفيين حول العالم. بالرغم من كونه روائيا، إلا أن عمله كان فنا حقيقيا. برحيله عام 2004، ترك هينري كارتيير – بريسون إرثا وفلسفة خلفه. جعل استخدامه لكاميرا 35mm من هذه الصيغة معيارا، وأصبحت مقولاته مضمنة في العديد من الكتب النظرية عن التصوير. بالرغم من كل الشهرة والأثر، هناك القليل من الصور للرجل بنفسه. كره تصويره، حيث أحرج من شهرته.










أتطلع للقائكم
ستلقي المقالة التالية في سلسلة تاريخ التصوير نظرة على فترة 1940-1980، وتغطي اختراع الصور السلبية متعددة الطبقات، من خلال تقديم كاميرات بولارويد وفوجيفيلم الآنية. كما سنتطرق لقصة كيفية تحول التصوير لعنصر دعائي وكيف أصبح مستخدما للترويج عن المنتجات والإعلانات!
